دراسة: العنف الزوجي وراء أكثر من نصف جرائم قتل النساء بتونس
دراسة: العنف الزوجي وراء أكثر من نصف جرائم قتل النساء بتونس
كشفت دراسة جديدة أن عدد حوادث قتل النساء المسجلة في تونس، خلال العام الجاري، بلغ 24 جريمة، مشيرة إلى أن نسبة 54 بالمئة من هذه الجرائم نفذت من قبل رجال ضد زوجاتهم.
وأوضحت معطيات الدراسة التي حملت عنوان "سكاتنا قاتل"، أعدتها وحدة العمل الاجتماعي التابع للاتحاد الوطني للمرأة التونسية، أنه في ما يتعلق بباقي الجرائم، وصلت "نسبة المنفذة ضد أمهات 21 بالمئة، و8 بالمئة ضد الأخت أو الابنة، و4 بالمئة ضد مهاجرات وفتيات لا تربطهن صلة قرابة بالمجرم" وفق وكالة الأنباء التونسية.
ووفق الدراسة التي أعلن عن نتائجها الأربعاء، نفذت 38 بالمئة من جرائم القتل التي راحت نساء ضحيتها طعنا بالسكين، و29 بالمئة منها باستعمال آلة حادة، و13 بالمئة منها خنقا، و8 بالمئة منها ذبحا، و4 بالمئة دهسا بالسيارة أو إلقاء في البئر أو حرقا.
وأوضحت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي، أن أغلبية أسباب جرائم القتل ضد النساء تعود إلى خلافات عائلية، تتعلق أساسا بشكوك تحوم حول الخيانة أو رفض الطلاق أو من أجل "الشعوذة" و"الرقية الشرعية"، معتبرة أن ذلك "يدل على انتشار السلوكيات التقليدية البالية في تونس وهيمنة العقلية الذكورية والعقليات المتحجرة التي لم تتغير على مر السنوات".
واعتبرت الجربي أن القوانين المناهضة للعنف في تونس وجلّ البرامج الموجّهة لدعم المرأة "لم تنجح إلى حدّ الآن في حمايتها بالشكل الكافي ضد جميع أشكال العنف المسلطة عليها".
وأكدت أن "تغيير العقليات وتربية الناشئة على حقوق الإنسان والمساواة ونبذ العنف والسلوكيات التقليدية البالية، يعد منفذا أساسيا للقضاء على هذه الظاهرة".
وأشارت الدراسة إلى أن ولاية صفاقس سجلت أعلى نسبة في جرائم القتل ضد النساء، وذلك بنسبة 18 بالمئة.
شهدت تونس في السنوات الأخيرة ارتفاعا لجرائم العنف المادي والنفسي والسيبراني تجاه النساء رغم دخول قانون مناهضة العنف ضد النساء بمختلف أشكاله حيز النفاذ منذ سنوات وذلك بسبب بطء نفاذ القانون وعدم التركيز على المقاربة الوقائية من العنف، وفق ما جاء في آخر تقارير المرصد الوطني لمكافحة العنف ضد النساء.
وبلغت نسبة قضايا العنف في تونس 25 بالمئة من مجموع القضايا في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2017، حيث كشفت دراسة أنجزها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية حول “العنف الحضري بتونس”، أن المجموع العام لقضايا العنف في تونس تجاوز في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2017 أكثر من 600 ألف قضية مسجلة، أي بمعدل 25% من العدد الجملي للقضايا.. وهو ما يعكس ارتفاع مؤشر العنف بالبلاد، وهو ما جعل الخبراء يدقون ناقوس الخطر إيذانا بضرورة التحرك لتطويق هذه الظاهرة والبحث في أسباب تشكّلها وآليات تفكيكها.
ومؤخرا افتتحت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن التونسية آمال بلحاج موسى مركز "الأمان" للاستقبال والإنصات والتوجيه للنساء ضحايا العنف.
وقالت الوزيرة، في تصريح عقب الافتتاح: "إن هذا المركز هو الأول من نوعه وطنيا، ويهدف أساسا إلى استقبال النساء ضحايا العنف والإنصات لهن وتوجيههن، ويضمن حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية للنساء والأطفال ضحايا العنف".
وأوضحت أن الوزارة ستعمل على التعميم التدريجي لهذا المركز على بقية الولايات واعتمادها، خاصة لتمكين المرأة ضحية العنف اقتصاديا واجتماعيا، وذلك من خلال مساعدتها على تطوير ودعم قدراتها واستعدادها لمجابهة الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الواقعة عليها وتمكينها من الحفاظ على روابطها الأسريّة وتسهيل إدماجها في المجتمع.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في 20 ديسمبر 1993 بموجب القرار عدد 48/104 وعَرَّفتْ المادة الأولى منه مصطلح «العنف ضد المرأة» بأنه “كل فعل عنيف تدفع إليه عصبية للجنس ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة والخاصة”.